يواجه الإعلاميون وصناع المحتوى - على مختلف فئاتهم - التضليل الإعلامي مثل بقية الناس سواء في نوعية الجماهير المتفاعلة على حساباتهم، أو بالتحقق من مصادر المعلومات، بل ربما في إعادة استخدام معلومات حقيقة بطريقة مضللة. فلا يقتصر دورهم على التحقق من مصادر الأخبار فحسب، بل قد يجدون أنفسهم في موقف يحتاج إلى إعادة تقديم الحقائق بطريقة دقيقة دون أن يساهموا - هم أنفسهم - بالتضليل الإعلامي غير المقصود. ومن هذا المنطلق تحدد حركة وعي مجموعة خطوات أساسية للمساعدة في التصدي لهذا التحدي، وهي:
- بناء وعي نقدي لدى الجمهور
- كشف التناقضات والتكرار في الأكاذيب
- الرد بطريقة منظمة ومنهجية
- المراجعة قبل مواجهة الناس
أولًا: بناء وعي نقدي لدى الجمهور
يعد نشر ثقافة التحقق والتثبت من المعلومات الخطوة الأولى في مكافحة الأخبار الكاذبة. ولتحقيق ذلك، يمكن اتباع الأساليب التالية:
- الاعتماد على أساليب البحث العكسي بغرض التحقق من صحة المعلومات: عبر استخدام أدوات مثل Google Reverse Image Search وInVID للتحقق من الصور والمقاطع المصورة التي قد تكون قديمة أو مفبركة.
- التشجيع على التفكير النقدي: حث الجمهور على عدم مشاركة الأخبار غير الموثوقة دون التحقق منها أولًا ونشر هذه الثقافة قدر المستطاع بين الأهل والأصحاب.
- الاعتماد على مصادر موثوقة: تعزيز اللجوء إلى وسائل الإعلام المستقلة والمصادر التي تتمتع بموثوقية بين السوريين الأحرار.
على منصة x نقترح لكم بعض الحسابات الموثوقة في تقديمها للمعلومات حول سوريا
- الوكالة العربية السورية للأنباء - سانا @SanaAjel
- رئاسة الجمهورية العربية السورية @G_CSyria
- وزارة الدفاع السورية @Sy_Defense
- رئاسة مجلس الوزراء في سورية @Ministerssy
- وزارة الخارجية والمغتربين السورية @syrianmofaex
- أسعد الشيباني @Asaad_Shaibani
- رائد صالح @RaedAlSaleh3
- جميل الحسن @Jamil_Alhasaan
- محمد الفيصل @mhmdfaisel
- هادي العبدالله @HadiAlabdallah
- موسى العمر @MousaAlomar
- فضل عبدالغني @FADELABDULGHANY
ثانيًا: كشف التناقضات والتكرار في الأكاذيب
الإعتماد على أرشيفات الأخبار المفبركة، حيث يتم توثيق كل كذبة مع الأدلة التي تدحضها. وبهذه الطريقة، يمكن إظهار كيف أن بعض الحسابات تكرر نفس الأكاذيب رغم تفنيدها سابقًا، مما يفقدها المصداقية.
أرشيفات مثل إيكاد وتأكد السورييتين
ثالثًا: الرد بطريقة منظمة ومنهجية
بدلًا من التفاعل العاطفي مع الأخبار الكاذبة، يجب اتباع استراتيجيات أكثر احترافية، مثل:
- الاستعانة بمنصات متخصصة: مثل تأكد وإيكاد التي تعمل على تفنيد الشائعات، ونشر تصاميم بصرية جذابة تسلط الضوء على الأكاذيب إلى جانب الحقيقة بشكل مبسط وسهل الفهم.
- إطلاق حملات إعلامية: فضح الحسابات المضللة والترويج للمصادر الموثوقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
- دعم الإعلام المستقل: تعزيز ثقة الجمهور في وسائل الإعلام التي تلتزم بالنزاهة والشفافية، والاعتماد على الإعلام الرسمي عند توفره، مثل وكالة الأنباء السورية سانا.
رابعا: المراجعة قبل مواجهة الناس
في أجواء التسابق على نشر الأخبار، قد يتم تداول معلومات غير دقيقة أو خارج سياقها، مما يؤدي إلى تشويه الرأي العام أو إثارة ردود فعل غير محسوبة. ولتجنب ذلك، على صناع المحتوى التوقف والتفكير قبل النشر، من خلال:
تقييم المحتوى بناءً على الأسئلة الأساسية:
- ما الهدف من نشر هذا الخبر؟
- من هو الجمهور المستهدف؟
- كيف يمكن أن يتفاعل الجمهور مع هذه المعلومات؟
- ما السياق والزمان والمكان المناسب لنشرها؟
استخدام استراتيجية “5 لماذا؟” لتحليل السبب الجذري لأي خبر أو معلومة. على سبيل المثال، عند انتشار خبر عن ما، يمكن التساؤل كالآتي:
- لماذا تم نشر هذا الخبر؟
- لماذا من المهم أن يعرف الناس هذه المعلومة؟
- لماذا يُراد إبراز هذا الموضوع الآن؟
- لماذا يتم التركيز على هذا الجانب تحديدًا؟
- لماذا يهمنا اتخاذ موقف تجاه هذا الخبر؟
النتيجة: بعد هذا التحليل، يمكن فهم أن الخبر ليس مجرد معلومة، بل قد يكون جزءًا من حملة إعلامية تهدف إلى تسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان والمطالبة بالمحاسبة.
فمثلا لديك خبر بأن (فادي صقر) حر طليق بعدما أثبت أنه الرجل الأبرز في مجزرة حي التضامن الدمشقي. فيمكنك أن تتساءل خمس مرات بلماذا كالآتي:
1. لماذا تم نشر هذا الخبر؟
لإعلام الجمهور بأن فادي صقر، المتهم بارتكاب مجازر، لا يزال حراً رغم ثبوت تورطه.
2. لماذا من المهم أن يعرف الناس أن فادي صقر لا يزال حراً؟
لأنه يظهر غياب العدالة وعدم محاسبة مرتكبي الجرائم ضد المدنيين في سوريا.
3. لماذا يُراد إبراز غياب العدالة في هذا التوقيت؟
لإثارة الغضب الشعبي أو تسليط الضوء على وجود مجرم كهذا بيننا والمطالبة بمحاسبته.
4. لماذا يُراد إثارة الغضب الشعبي أو فضح الفساد؟
لزيادة الضغط السياسي والإعلامي على الحكومة المؤقتة لتتخذ موقفا فاعلا تجاه العدالة الإنتقالية.
5. لماذا يُراد دفع الحكومة المؤقتة لاتخاذ موقف؟
لتحقيق العدالة ولتحفيز تدخل قانوني أو سياسي أو فرض عقوبات ضد المتورطين في المجازر.
النتيجة: الخبر قد يكون جزءًا من حملة إعلامية تهدف إلى كشف انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، وفضح الإفلات من العقاب، وإثارة الرأي العام المحلي لاتخاذ إجراءات ضد المتورطين في المجازر لتحقيق العدالة الانتقالية.
- التحقق من المحتوى الحساس فقبل النشر، يجب الانتباه إلى ما إذا كان المحتوى يحتوي على أي من الآتي:
- معلومات شخصية غير مُعلنة عن شخصيات بارزة.
- بيانات وتصاريح داخلية.
- تفاصيل حكومية أو عسكرية “سرية” أو “حصرية”.
- صور مقاتلين مكشوفي الوجوه، خاصة المقاتلين المهاجرين والمهددين دولياً.
إذا كانت الإجابات نعم على أي مما سبق، فمن الأفضل الامتناع عن نشر المحتوى حفاظًا على أمن وسلامة البلاد والأشخاص المعنيين.
ختامًا
يعتبر التصدي للتضليل الإعلامي مسؤولية مشتركة تتطلب الوعي واليقظة، لا سيما في بيئة إعلامية تفتقر إلى التنظيم الرسمي. إن حماية السردية الحقيقية للأحداث والدفاع عن الحقيقة ليس مجرد خيار، بل هو واجب يقع على عاتق الإعلاميين وصناع المحتوى. ومن خلال اتباع هذه الخطوات، يمكننا بناء وعي عام قادر على مواجهة التضليل، وتعزيز الثقة في الإعلام المستقل، وضمان وصول المعلومات الدقيقة إلى الجمهور المستهدف.