ما هي الطائفة الأسديّة
سياسة سلطويّة ديكتاتوريّة قمعيّة ظهرت في السبعينات في سوريا على يد الأسد الأب واستمرّت لعهد الأسد الابن من خلال توريث الحكم بطريقةٍ غير مشروعة وبانتخاباتٍ مزيّفة.
وصلت الأسديّة للسلطة من خلال انقلابٍ عسكريٍّ تلاه اقتتال داخليّ تقلّد بعده حافظ الأسد الحكم في البلاد واستأثر فيه بالسلطة وكافح كلّ من لا يعلن الولاء المطلق له.
اعتمدت الأسديّة في بسط سلطتها على أساليب قمعية ممنهجة منها القتل والتعذيب والإخفاء القسريّ والقصف العشوائيّ وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانيّة بدافع ديني.
تحكّمت عائلة الأسد بالبلاد من خلال سياسات ممنهجة ركّزت على قطاعات حيويّة في البلاد:
عسكريًّا:
استغلّت هذه السلطة انتماء الأسد للطائفة العلويّة (النصيرية) وعملت على استبدال القيادات العسكريّة السوريّة بقيادات يغلب عليها اللون الطائفيّ الواحد ذي الولاء المطلق للأسد وعملت على تحجيم وإقصاء وعقاب كلّ من يشكّ في ولائه ضمن مؤسسات الدولة المدنيّة والعسكرية.
قمعت السياسات الأسديّة حريّة التعبير وضيّقت الخناق على الحريّة الدينيّة للأغلبيّة في سوريا وحرمتهم من المناصب الحساسة في الدولة ومنعت وصولهم إليها إلا لمن أظهر الولاء المطلق للعائلة الأسديّة وشارك في جرائمها ضد الشعب، مما خلق ما يعرف بالطائفة الأسدية.
اقتصاديًّا:
حكم الأسد الأب باسم حزب البعث تحت شعار الاشتراكيّة وبدأ حكمه بانتزاع الحقوق والأراضي وتأميم جزء كبير من ممتلكات الشعب للدولة وتوزيعها على مواليه، وبعد وفاته وانتقال الحكم للأسد الابن، بدأت الدولة بالتوجه نحو الخصخصة الوهميّة ونظام المافيات، فتركزت الشركات الكبرى والأكثر حيويّة في البلاد بين يدي أقارب بشار الأسد وأقارب زوجته أسماء الأخرس.
أمنيًّا:
استغلّ النظام الوضع الاقتصادي المتردي والانغلاق العالميّ في إحكام القبضة الأمنيّة على الشعب، استخدم الأفرع الأمنيّة لإرهاب المواطنين وكبح كلّ محاولات التغيير، ووظّف المخبرين وسلّطهم على الشعب كنوعٍ من الرقابة الخفيّة التي جعلت المواطن يشكّ بأقرب الناس إليه.
أجبر النظام الأسديّ الشعب بأكمله على الانضواء تحت حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ أو أحد أحزاب الجبهة الوطنيّة التقدّميّة التي يزيد بعضها تطرّفًا على البعث، وبهذا مسح الهويّات المتعددة للسوريين، ومنع تشكيل أحزاب أو جهات تعبّر عنهم.
عمل النظام على قمع الشعب من خلال “جعل بعضه عبرةً” من خلال المجازر والحملات الأمنيّة الضخمة، كمجازر حماة التي توالت بدءا من عام 1980، ومجزرة سجن تدمر التي راح ضحيتها حوالي 1000 شخص يدعي الأسديون أنهم منتمون لجماعة الإخوان المسلمين، وغيرها من المجازر.
ثقافيًّا:
تمكّن النظام الأسديّ من تطويع رجال الدين والفنّ والأدب لخدمة صورته المثالية حول المجتمع، فأسس سلطة دينية في المعاهد والجماعات الدينيّة التي تغلغلت في المجتمع وزادته جهلًا وانحرافًا مترمزة بأحمد كفتارو و سعيد البوطي وأحمد حسون الذين شرعنوا جرائمه. فيما خلق أيضا سلطة فنية ساهمت في نشر المسلسلات والمسرحيّات التي تعزز نظرة سيطرة القبضة الأمنيّة المطلقة على الشعب، ومنع نشر كل ما يهدد هذه الصورة في الصحافة أو الإعلام أو المكتبات.
عمل النظام على تجهيل المواطنين بشكلٍ ممنهج عبر إبقاء النظام التعليميّ في مستوياتٍ متدنيّةٍ، مما أدى لانتشار الواسطات والرشاوى والفساد فيه.
أسس نظام الأسد نفسه على الطائفيّة، وهذا ترك شرخًا كبيرًا بين أكثريّة الشعب وأقليّاته:
استغلّ الأسد الطائفة العلويّة (النصيرية) بشكل رئيسيّ لتكون الحاضنة الأساسيّة له، عبر تقديم المناصب العسكريّة لها وكبح تقدّم قراها ومدنها زراعيًّا وصناعيًّا لتشجيع أبنائها للانضمام إلى الجيش والأجهزة الأمنيّة ومؤسسات الدولة. ومع التحريض الطائفيّ المستمر، شكّل أبناء هذه الطائفة النواة الأكبر لقيادات الجيش وعليهم وقع الوزر الأكبر في المجازر وجرائم الحرب.
في المقابل، همّش الأسد الأكثريّة السنيّة في البلاد، وكبح قدرتهم على الدخول في مؤسسة الدولة والتقدم في مناصبها، ولم يصل منهم إلا أصحاب الولاء الكامل للسلطة إلى مناصب عليا، وهؤلاء أيضًا كانوا سيوفًا مسلّطةً على رقاب الأكثريّة بوحشيّة وحماس للمشاركة في الجرائم لإثبات هذا الولاء المطلق.
وبهذا التقسيم، وقع الجزء الأكبر من المجازر بحقّ الأكثريّة السنيّة في البلاد، ووقع الوزر الأكبر من جرائم الحرب على يد الأقليّة العلويّة (النصيرية). ولعب الأسد ومؤيّدوه على هذه الحقيقة بطرقٍ عديدة، حينًا لتشجيع عناصرهم على ارتكاب المجازر، وتارةً لادّعاء المظلوميّة واتّهام المعارضين بالطائفيّة.
استغلّ النظام الطائفيّة أيضًا في إدراج المليشيات الشيعيّة الإيرانيّة واللبنانيّة ضمن قوّاته، وساهمت هذه القوّات بجزء كبير من المجازر الحاصلة في سوريا على خلفيّات طائفيّة.
استغلّ النظام الأسديّ الإثنيّات المختلفة في المنطقة:
أجج النظام النزاع العربيّ الكرديّ التركيّ في المنطقة، ولعب أيضًا على أوتار الصراعات الإثنيّة، ونصّب نفسه ممثلًا للعرب في المنطقة و"قلب العروبة النابض" معاديًا دول الجوار جميعها تحت هذا الشعار.
واستفاد النظام من روابطه الاشتراكيّة مع الاتحاد السوفييتي وروسيا لاحقًا في التسليح والتدريب، ولاحقًا في الدعم الجويّ أثناء الثورة السوريّة.
إضافة لهذا، دعم النظام حزب العمّال الكردستانيّ وسلّحه في مواجهة تركيا، ولاحقًا أسس تحالفات مع قوّات سوريا الديمقراطيّة ذات القيادات الكرديّة المعادية لتركيا.
مع هذا، حافظ النظام على إدّعائه العروبة، رغم معاداته لأغلب الدول العربيّة في الجوار.
بذلك، يمكن القول إن علاقة النظام الأسدي بالسوريين كانت علاقة مشحونة بالتوتر والدماء، حيث كان النظام يعتبر أي محاولة من السوريين للمطالبة بإصلاح سياسي أو اقتصادي أو بحرية دينية أو سياسية تهديداً وجودياً.